مع بدء العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، تفاقمت الأوضاع المعيشية، وازدادت الخسائر الاقتصادية، ولم تكن تكن الاستجابة سريعة وكافية.
وفي مقابلة مع "النشرة"، أوضح الدكتور محمد موسى، الباحث في مركز الشرق الأوسط للطاقة والمسح الاقتصادي، أن تقدير الخسائر الاقتصادية لا يزال غامضًا بسبب التطورات المستمرة على الأرض. بعض المؤسسات الاستشارية قدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة بنحو 3 مليارات دولار، بينما أشار وزير الاقتصاد إلى خسائر تتجاوز 10 مليارات دولار، وقد يتضاعف هذا الرقم في حال توسع العدوان.
وأضاف موسى أن الاقتصاد اللبناني كان متهاويًا قبل الأزمة، حيث قُدِّر أن أكثر من 60% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر منذ العام 2019، مشيرًا إلى تدخلات مصرف لبنان الأخيرة ساعدت إلى حدّ ما في احتواء الأزمة. كما أن الدين العام قد تجاوز 100 مليار دولار، ما يجعل من الصعب تصور التعافي في المستقبل القريب.
القطاع السياحي، الذي كان يعاني أصلًا من انكماش بنسبة 1.5% قبل العدوان الأخير، أصبح الآن في وضع كارثي، ما يعني تفاقم العجز في الموازنة. كما تواجه القطاعات الزراعية والصناعية تضررًا كبيرًا، حيث تضررت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الجنوب، وتدمرت آلاف الوحدات السكنية.
وعلى صعيد النازحين، أوضح موسى أن عدد النازحين قد وصل إلى أكثر من مليون شخص، ما سيزيد من الأعباء على الدولة اللبنانية. ووفقًا لتقديرات وزارة الاقتصاد، فإن التكلفة الأولية لتلبية احتياجات النازحين قد تصل إلى ما يفوق ربع مليار دولار شهريًّا، وهو ما يتجاوز قدرة الدولة المالية المتدهورة.
وفي هذا السياق، يشير الخبراء إلى أن استجابة المؤسسات الدولية كانت بطيئة، باستثناء بعض المساعدات الطبية من دول مثل العراق وتركيا. وحتى الآن، لم تظهر أي بوادر حقيقية للتدخل الدولي الفعّال الذي يمكن أن يخفف من حدة الأزمة.
من الناحية المالية، تواجه الدولة تحديات كبيرة في تأمين الموارد الأساسية لاستمرار عمل المؤسسات الحيوية، مثل قطاع الكهرباء والمرافق العامة. كما يتزايد القلق حول قدرة مصرف لبنان على الحفاظ على استقرار العملة وسط هذه الظروف الصعبة.
وفي النهاية، يعكس الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان واقعًا كارثيًّا بكل المقاييس، حيث تتفاقم معدلات الفقر والبطالة، وتتصاعد حدة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، في ظل غياب أي حلول واضحة أو تدخلات دولية فعالة. ومع استمرار العدوان الإسرائيلي وتفاقم التحديات الداخلية، يبدو أن لبنان يواجه مستقبلًا مجهولًا وغير مستقر.